أبي الحبيب.. هذه رسالتي إليك

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أبي الحبيب.. هذه رسالتي إليك, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 12:51 صباحاً

الأبناء فلذة كبد الآباء، والآباء دنيا الأبناء، هذه حقيقة لا مراء فيها ولا جدال، ومهما بلغت العلاقة بين الأب والابن إلا إنه تبقى - أحيانا - هناك حواجز ولو قليلة تمنع الابن من البوح بكل شيء لأبيه، وهذا وإن كان من ناحية أمر صحي، إلا إنه يفوت أحيانا أمورا يرغب الابن في قولها لأبيه، فلو قدر لابن أن يكتب رسالة لأبيه يذكر فيها ما يعتلج في صدره، ويظهر ما يعتمل في نفسه، فماذا عساه أن يقول؟

هذه محاولة متواضعة لكشف محتوى هذه الرسالة.

أبي العزيز.. لا أعرف من أين أبدأ كلامي معك، فأنت بالنسبة لي الدنيا كلها، أنت بطلي وقدوتي، وصاحب الفضل عليّ؛ فكل ما أنعم به هو من فضل الله ثم من فضلك، وأنت سبب وجودي - أصلا - في هذا الكون الفسيح، ولا تفي كلمات المعاجم حقك لو أردت تعداد فضائلك، وحسبي أن أبر بك وأدعو الله لك أن يعطيك حتى يرضيك من خيري الدينا والآخرة.

أبي الحبيب.. ما أود قوله لك سأجعله في نقاط مختصرة، أعلم أنها لا تخفى عليك، لكن زحمة الأعمال والانشغالات ربما ألهتك عن بعضها ولو لبعض الوقت.

أبي الحبيب.. اهتم بتغذية عقولنا قبل تغذية أجسادنا، فنحن نشكرك على حرصك على انتقاء أكلنا من أطيب المطاعم وأنظفها وأفخمها، وكما حرصت على ذلك نأمل أن تحرص - أيضا - على تغذية عقولنا فالحوار والنقاش معك، والجلوس معك في مجالس الرجال، وتوجيهنا لما نقرأ وما نشاهد وما نسمع، وتزويدنا بالمعلومات والمراجع التي تنمي عقولنا، كل ذلك مهم لنا، ونحن بحاجة ماسة إليه.

أبي الحبيب.. قدّر أنني طفل لا أعي مصلحتي تماما، وربما تغلبني رغبة الطفولة وكثرة إلحاحي عليك في طلبات ليست من مصلحتي، إذا فعلت ذلك يا أبي فأرجو أن تقول لي: لا. أعلم أنها ثقيلة على قلبك، وأنك تريد إسعادي بكل ما تملك، لكن لا تطاوعني في كل شيء واضغط على مشاعرك وقدم المصلحة، فعندما تراني ممسكا بجهازي لساعات، أو أمام الشاشة لوقت طويل، أو أطلب أكلا يضر بصحتي، أو أتواصل مع أصحاب ليسوا على خلق جيد، أو أشاهد ما لا ينبغي لي مشاهدته، أرجو أن تقف ضد رغبتي وإن عاندت معك، فإني وإن غضبت منك في حينها سأشكرك عليها جزيل الشكر مستقبلا.

أبي الحبيب.. أراك كثيرا وأنت تحتضن أخي الصغير محمد، وتلعب معه وتمازحه، وهذا الأمر يسعدني كثيرا، فأنا أفعل مثلك وأسعد بهذا الفعل، لكن احتضانك لي أقل منه، ولا أنكر وجوده على قلته، وما ألاحظه يا أبي أنني لا أراك تحتضن أخي فهد بعد أن دخل المرحلة الثانوية، وقليلا ما تحتضن أخواتي، كلنا أولادك يا أبي وكلنا بحاجة لحضنك الحنون فلا تبخل علينا به.

أبي الحبيب.. إنني أفتقد الجلسات الودية معك ومع العائلة، فعملك يأخذك منا كثيرا، والوقت الذي تكون معنا فيه يكون أخي في غرفته، وأخواتي كل واحدة في غرفتها، وقلما يجمعنا مجلس جميعا، حتى الأكل - يا أبي - قليلا ما نجتمع جميعنا على المائدة، فحبذا لو كان هناك نظام في عائلتنا بأن نكون جميعا معا في الوقت نفسه، في جلسة ودية نتقرب فيها من بعضنا، فإذا تقاربت الأجساد تقاربت النفوس، وما أجمل الشعور أن نكون عائلة وأصدقاء نتعاون فيما بيننا ويستفيد الصغير من الكبير، ويساعد الكبير الصغير.

أبي الحبيب.. أعلم أن أعمالك كثيرة، ومشاغلك أكثر، لكن أعمال الدنيا ليست أهم من عائلتك.

أعي تماما حرصك علينا واهتمامك بنا، وما نتمناه أن تكون هناك قواعد أساسية للعائلة تجعلها لنا بحسب وقتك، وتكون أولوية في جدولك الأسبوعي، وبعد ذلك لك مطلق الحرية في تنفيذ أعمالك الأخرى.

نتفهم - يا أبي - حينما تكون هناك ضغوطات عمل عليك في وقت من الأوقات ونقدر ذلك، لكن لا يكن ذلك ديدنك في الحياة، فلنا فيك نصيب لا نتنازل عنه أبدا، حبا فيك ورغبة في القرب منك لا عدمناك.

أخبار ذات صلة

0 تعليق