ورد الشيخ والليمونة التي تنجب أطفالا

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ورد الشيخ والليمونة التي تنجب أطفالا, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 11:31 مساءً

ثماني عشرة ألف طفل أزهقت أرواحهم في غزة، وهي الأكثر جوعا في العالم، هكذا تقول الإحصائيات التي كتبها أشخاص خلف المكاتب. في نيويورك أو جنيف، حيث الحديث عن حقوق الإنسان بلا إنسانية، والصمت عن المجرمين والقتلة وتجار الدم، وحيث الأقوال بلا أفعال، والاستنكار الخجول، وعدم الاعتراف بحقوق البشر.

العالم غائب. والعقلاء خارج نطاق التأثير. البعض منهم اعتزل المشهد، لأنه سئم الترويج لأفكار أكل عليها الدهر وشرب. كمعاداة السامية على سبيل المثال. وكمثل أن أقذر الجرائم، يجب أن يراها البشر عادية وطبيعية بما تخلفه من آلام. إنها موازين قبيحة.

يرى الجميع المقاتلات الإسرائيلية في سماء غزة. حتما الطيار المقاتل لديه مهمة يقوم بها ويعود لقاعدته. لا يسقط الورود على رؤوس أهالي القطاع، بل حمم بركانية، وصواريخ بشتى أنواعها، عنقودية وانشطارية. كلها أساليب قتل اعتاد عليها الشعب الفلسطيني.

السؤال؛ على ما يدل ذلك؟ تخاذل دولي وصمت عن كراهية تمارسها إسرائيل ضد شعب أعزل. هنا نحن أمام قضية شبيهة بمعاداة السامية التي تعني كراهية اليهود أو الوقوف ضدهم، وتساق في تل أبيب وعواصم الغرب. إن أيقنا بتلك الرواية، فيجب الاقتناع بالأصناف الأخرى من الكراهية.

والسكوت عن ممارسة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبشع الكوابيس في العصر الحديث؛ وإدارة القتل بفن متقن؛ عبر الموت السريع المباشر، والتجويع، واستهداف الأطفال؛ هو مشاركة في الجريمة. قولا واحدا.

أتصور أن أمام العالم مسؤولية أخلاقية كبرى، يجب أن يقوم بها وإلا فالتاريخ لا يرحم. فالاستنكار لم يعد كافيا مع استمرار آلة حصد الأرواح. لذا فعلى صناع القرار الدولي، ممن يدعون العدالة، الاضطلاع بموقف صادق وواقعي، يضع الأمور بنصابها، ويقول للمجرم كفى، ويمنح الحق للإنسان بممارسة الحياة على أرضه، وذلك أبسط الحقوق.

لوح بعض الأوروبيين بورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبحل الدولتين. وهذا له تفسير، ما هو؟ الموقف ليس صادرا عن غضب تجاه إسرائيل، بقدر ما هو ضد الولايات المتحدة ورئيسها، بعد فرض الرسوم الجمركية. ما الدليل؟ مضت عقود من إجرام تل أبيب بحق الفلسطينيين، وتوسع الاستيطان، وسلب الحقوق، بينما لم يفكر الأوروبيون بهذا الإجراء أو حتى أقل منه.

برأيي هذا المنحى الأوروبي غير جدير بالاهتمام، لماذا؟ لأن فكرة حل الدولتين ليست جديدة، فقد طرحتها السعودية عام 2002.

ما الحل إذن إن كانوا صادقين؟ عزل تل أبيب عن العالم، كيف؟ أولا: بوقف الإمدادات العسكرية. ثانيا: الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق الشعب بالعيش وفق أبسط معايير الكرامة. ثالثا: فضح حقيقتها وإجرامها، بقيام الإعلام الحر بدوره الحقيقي وكشف الواقع، دون تحريف أو تزوير أو محاباة.

وإلا سيكون العالم محابيا للإجرام، ويفتقد للإنسانية النزيهة. وهناك عديد من الاستدلالات على التناقضات الدولية، مثل ماذا؟ حين وجدت الرغبة بشيطنة النظام الإيراني على سبيل المثال، تم وضعه في خانة الريبة، وكذلك أفغانستان وباكستان في وقت من الأوقات. وكوريا الشمالية. حتى روسيا وهي الدولة العظمى، لم تسلم من النرجسية السياسية العالمية.

بالمقابل، فإن ممارسات الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين تملك المسببات نفسها التي أدت لنبذ تلك الأنظمة. السؤال؛ لماذا لم يتم تجريمها دوليا، بدلا من تمييع أفعالها، ومنحها حق استخدام القوة النارية من باب الدفاع عن النفس؟ وكيف يدفع ثمن العنجهية الإسرائيلية أطفال أبرياء يقتلون بالجملة؟ هذا استفسار نابع من جحيم الأسئلة، لا أملك إجابته.

صدع العالم الحر رؤوسنا بـ"الهولوكوست"، وهي عملية مارستها ألمانيا النازية بعد أن استولى أدولف هتلر على نظامها، ونجم عنها مقتل 6 ملايين يهودي بأوروبا؛ في الفترة بين 1933 حتى 1945. برؤية نتائجها، يمكن استنتاج أن ما يحدث في فلسطين أشبه بها، ما لم يكن أشد، إلا أن ازدواج المعايير يلعب دورا كبيرا بتشكيل المنظور العالمي الهزيل.

إن الكراهية والأحقاد الموروثة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، عبر استهداف أطفال، ليس لهم أدنى علاقة بالسياسة والسلاح، منهجية تهدف للقضاء على المستقبل، لأنها - أي تل أبيب - تخشى من الاقتصاص الذي لا بد أن يكون، حتى إن طال الأمد.

يبدو أن نتنياهو مصاب بالرعب هو وحكومته وشعبه من العقيدة الفلسطينية التي تقوم على التمسك بالأرض من المهد إلى اللحد، وأن الوطن ليست فكرة ملقاة على قارعة الطريق، بل يقين مطلق يولد مع الشخص ويموت معه، وأن الأطفال بعد قتلهم يتحولون إلى طيور في فردوس كبير.

نجت الطفلة ورد الشيخ قبل أيام من لهيب مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي، وأسلحتها الموجهة بالليزر بأعجوبة. بقيت وحدها بين النيران. لم يشتهِ الموت قبض روحها الطاهرة.

ذهبت أسرتها ضحية متعة السفاح باستنشاق رائحة الدم. سُجلت أسماؤهم في برزخ الانتظار بين الموت؛ والقيامة. يقول نزار قباني "كل ليمونة ستنجب طفلا.. ومحال أن ينتهي الليمون".

كانت ورد في مدرسة، والمدرسة في غزة "مقبرة"، أبت أن تحترق مع من احترقوا.

ربما لأنها ابنة لليمونة.. أنجبت أطفالا!

أخبار ذات صلة

0 تعليق