عندما كانت البرامج العربية معلما ومربيا

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما كانت البرامج العربية معلما ومربيا, اليوم الخميس 17 يوليو 2025 08:34 صباحاً


البرامج التعليمية وصناعة الأجيال؛ لا أزال أستحضر في ذاكرتي بعد قدومي من المدرسة فترة ما بعد صلاة العصر تلك البرامج التلفزيونية الراقية التي اقتحمت آنذاك كل بيت عربي تقريبا، وكان لها دور المرشد التعليمي والمربي الثقافي لمحتوى الطفل الفكري بتنمية خياله وفضوله الطبيعي لاكتشاف العالم من حوله، وتركت أثرا متعديا وبصمة تنويرية في تشكيل الوعي التأسيسي للأطفال من ناحية اللغة الفصيحة والمعرفة الصريحة، ونقلت الأخلاقيات الحميدة بأسلوب تشاركي مع الأسر في تربيتهم وتنشئتهم لأبنائهم.

برنامج «افتح يا سمسم»، من منا لا يتذكر صوت «نعمان» وشخصيات «ملسون» و»بدر وأنيس»؛ وأيضا برنامج «أحلى الكلام» وشخصية «الآنسة قواعد» ومدينتها الجميلة لم تكن مجرد ترفيه بل كانت مشروعا تربويا علميا عربيا واسعا يخاطب الطفل ويحاوره ويزرع فيه القيم الاجتماعية بلطف وذكاء لنقل المعلومة بالحروف والكلمات، وتعليم الاحترام والالتزام والنظام والتسامح والتعاون.

كذلك برنامج «المناهل»، خلطة العلم بطعم المتعة لم يكن مجرد برنامج تعليمي تقليدي بل موسوعة مصوّرة ماتعة ومشوقة جمعت بين الرياضيات والعلوم واللغة في قالب فكاهي مشوّق وجاذب بشخصيات مثل «زيد وعمرو» و»أبي الحروف» و»المفتش فصيح». فجعلوا من الحساب لعبة، ومن اللغة قصة، ومن المعلومة صديقا مقربا.

كما أن للفن والموسيقى دورا بارزا في تثقيف الأطفال من خلال برامج «غنوا معانا» و«وقت الفرح» و«المرسم الصغير»، التي قدمت الأغنية بلغة تربوية تغرس لديهم المبادئ الإنسانية كالنظافة والترتيب والحلم بمستقبل أفضل، وزرعت فيهم حب الرسم التعبيري الإبداعي في زمن لم تكن فيه مدارس الفنون متاحة للجميع.

كذلك الحال مع برنامج «افتح يا وطني أبوابك» بأغنيته التي لامست مشاعرنا الغضة تلك الفترة «افتح يا وطني أبوابك جينا نغني لحبابك»، تلك الأغاني لم تكن مجرد كلمات بل بذور انتماء ربطت بين الطفولة والوطن وبين الحلم بالسلام والحياة الكريمة رغم بساطة الإمكانات وتقنيات الإنتاج، إلا أنها رسالة واضحة بأن صناعة الإنسان تأتي في المقام الأول.

تلك البرامج كانت نابعة من حب حقيقي للطفولة ورغبة صادقة في الاستثمار بجيل متعلم ومثقف يعتز بلغته وهويته، مقارنة بزمن تتزاحم فيه الشاشات الفضائية والقنوات الإعلامية على المصلحة الخاصة والمحتوى التجاري المترهل والتسارع التافه للنشر الرخيص.

ما نملكه اليوم من إرث فكري وخبرات بشرية وإمكانات مادية ومقدرات ثقافية تجعلنا مستعدين لإعادة ذلك المجد البرامجي المشترك بين الدول العربية، الأمر الذي يتطلب تكاتفا إعلاميا عربيا يؤمن بإنتاج مثل تلك البرامج الواعية، بتمويل نقي مخلص، وفهم عميق لنفسية الطفل العربي حاليا.

إذا أردنا مستقبلا واعدا لأطفالنا، فلننظر لغايات تلك البرامج التي صنعتنا وأعطتنا القيمة الحقيقية للمحتوى المهذب؛ نحن الآن بحاجة لنية صادقة تطرح محتوى جديدا بأهداف همها مساعدة الأجيال الواعدة.

Yos123Omar@

أخبار ذات صلة

0 تعليق