نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عبارة (حيث إن) في الحكم القضائي, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 02:01 مساءً
تحتوي العلوم على مجموعة من المصطلحات والتعبيرات، التي يكون لها مدلول معين قد يختلف عن معناه الذي يشيع بين الناس، أو قد يختلف عن مدلوله في العلوم الأخرى.
واللغة القضائية هي لغة خاصة يستخدمها كل القضاة في أداء عملهم، وتشكل اللغة القضائية ركيزة مهمة في تكوين مهارة القاضي في سبك الأحكام القضائية، وتعد بذلك الصلة التي تربط السادة القضاة، برباط وثيق، لأنهم يتكلمون لغة تعبر عن علم معين ينتمون إليه.
تتميز اللغة القضائية بأنها لغة اصطلاحية وهذه الصفة ترجع بأنها لغة خاصة فهي تعبر عن حقائق شرعية وقانونية، كما أنها تعبر أيضا عن جزاءات وفصل في الخصومات المبنية على البينات الواضحة، كما أنها تتسع كذلك لتعبر عن أدق العمليات الذهنية، التي تؤدي إلى نتيجة معينة، ولغة القضاء تعبر عن وقائع، وما يتصل بها من آثار تنتج عنها، وهي لغة مفسرة للأنظمة وتطبيقاتها على أفعال المكلفين المتنازع عليها، أو المحرمة.
قراءة الحكم القضائي قد تصعب على عامة الناس، ولذلك مهم جدا لمعرفة بعض العبارات التي يستخدمها السادة القضاة، في تسلسل الحيثيات والتي تبدأ بعبارة (حيث إن).
هناك عبارات أخرى مثل، ولما كان، وبما أن، ويندرج تحت، ويتضح من ذلك، والمفهوم منه، وحيث، والمقصود منه، وغيره من العبارات التي تكون مفاتيح لجمل لغة الحكم، والتي سلسل بها القاضي ناظر القضية الحيثيات التي يخلص بها إلى نتيجة معينة ترتكز في عقيدته وهي الفصل في الموضوع.
نؤكد على عدم وجود قواعد معينة للغة الحكم، لأن فن صياغة الأحكام يعتمد على الحس والذوق اللغوي لكل قاضٍ، واللغة القضائية ترتهن بشخص القاضي، وتتأثر بجوانب شخصيته وتكوينه العلمي والقضائي والثقافي، وإذا كان الناس يتفاوتون فيما بينهم في القدرات الخاصة، فإنهم يتفاوتون تبعا لذلك في المهارات التي تتهيأ لبعضهم ولا تتهيأ للبعض الآخر، بل يتفاوتون في درجة هذه المهارات ومنها مهارة اللغة.
ويترتب على ذلك اختلاف لغة القضاء بحسب وجهة كل قاضٍ، وعدم وجود قوالب جامدة تصب فيها هذه اللغة، لأن لغة القضاء لها خصوصية تميزها عن غيرها، ولكن على الرغم من ذلك، فإن هناك قواعد عامة، يجب اتباعها، وأهمها: حسن اختيار اللفظ ودقته، والبعد عن التزيد والحرص على وقار اللغة، وهذه قواعد تمثل الحد الأدنى الذي يجب على القاضي أن يراعيها عند تحرير الحكم.
إن دراسة اللغة القضائية أمر يقع بين علم القضاء من ناحية، وعلم اللغة العربية من ناحية أخرى، وقد يعتقد بعض المحامين شأنه يخرج عن دائرة اختصاصهم.!!
ومنهم من يرى أنه غير قادر على فهم نص الحكم بسبب عدم معرفته لروابط الحيثيات التي تسلسل بها القاضي في صياغة حكمه، وهذا خلل يجب معالجته، بالتدريب والمراس، والاستمرار في قراءة الأحكام القضائية، وهي متوفرة لكل صاحب همة يسعى إلى رفد العدالة بالمزيد من العلم.
فقد اهتمت وزارة العدل في وضع مدونات للأحكام القضائية تعتبر ثراء كبيرا في التعرف على لغة القضاء وفهمها ومجاراتها في صياغة المذكرات في المرافعة، والدفوع، والرد، وكتابة حيثيات الوقائع وربطها بالأدلة والأسانيد التي تقوي حجته على حجة الخصم، وإقناع ناظر القضية بالأدلة التي تبطل حجة خصمه.
ختاما: من لم يقرأ مدونات الأحكام القضائية قراءة نقدية، فإنه إعلان منه على ضعف لغته، وقدراته الذهنية، بل يصل الأمر إلى ضعف مساهمته في لغة قانونية صحيحة.
0 تعليق