علموا أبناءكم البلوت

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
علموا أبناءكم البلوت, اليوم الأحد 3 أغسطس 2025 03:52 صباحاً

قد يظن البعض أن الألعاب الذهنية مجرد ترفيه، لكنها في الحقيقة أدوات فعالة لتنمية الإدراك وتعزيز التفكير الاستراتيجي. ولا ألوم من يرى فيها مضيعة للوقت، كما لا أبرّئ أي لعبة أو هواية من هذا الاتهام الفضفاض! فالهوايات، حتى الرياضية منها، قد تفسد إذا أُسيء استخدامها، وتصبح إدمانا مهدِرا للوقت إن فقدت التوازن. لكنني هنا لا أهدف فقط إلى تحسين الصورة النمطية عن اللعبة الذهنية الأكثر شعبية في السعودية، بل أطمح أيضا إلى دعوة غير الممارسين لتعلمها وتعليمها لأبنائهم.

البلوت ليست مجرد لعبة، بل هي وسيلة لتنمية الذكاء، وتعزيز القدرات التحليلية، وبناء مهارات حياتية قيمة. لعبة تعتمد على التخطيط الصحيح والتفكير النقدي والتعاون ما بين اللاعبين في الفريق الواحد، ويتعلم لاعبوها من ممارستها مهارات فكرية قيمة جدا مثل التحليل، وفهم تحركات الخصم، وترجمة لغة الحوار، بل حتى لغة الجسد! وتحتاج إلى استخدام مستمر للذاكرة والقدرة على فهم اللاعب الشريك وإيصال الرسائل له من خلال ورق اللعب فقط!

لعبة البلوت بدورتها الكاملة تُعلم لاعبها شيئا من مهارات التعايش مع الحياة، فتارة يكون الحظ حليفه ويحسن استغلاله فيسعد، وتارة يكون الحظ حليفه ولا يحسن استغلاله فيندم، وتارة يكون الحظ ضده ولا يحسن تغيير ذلك فيشقى، وتارة يكون الحظ ضده ويصنع بعصامية وبأقل الإمكانات نجاحا فيتباهى وينعم! وليس ذلك فحسب، بل تعلم البلوت لاعبها الصبر، وحيل الدهاء والمكر، وطرق تجنب الأخطاء أو الغدر، تماما كلعبة الشطرنج والمونوبولي وغيرها من الألعاب الفكرية التي تنمي الفكر بطريقة غير مباشرة ومختلفة وممتعة.

لقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن الألعاب الذهنية، تحفز الدماغ وتحسن وظائفه. فممارسة هذه الألعاب تساعد على تعزيز التفكير النقدي، حيث يتعين على اللاعبين تحليل المواقف واتخاذ قرارات استراتيجية بناء على المعلومات المتاحة. كما أنها تقوي الذاكرة، فمعرفة الأوراق التي تم لعبها وربطها بالاستراتيجيات المحتملة يعززان من قدرات التذكر والتركيز. وتعمل على تطوير المرونة العقلية، وتحسين القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة واتخاذ قرارات سريعة. كما أنها تعزز الذكاء الاجتماعي، من خلال قراءة تعابير الوجه والإشارات غير اللفظية، مما يحسن من مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي.

في بعض الدول تُدرّس الألعاب الفكرية، مثل الشطرنج والألعاب اللوحية، في المدارس والجامعات كأنشطة صفية في بعضها، ولا صفية في البعض الآخر، وذلك لتعزيز مهارات التواصل الاجتماعي، والعمل الجماعي، والتفكير النقدي، ومهارة اتخاذ القرارات بناء على ما سبق. لعبة البلوت تقوم بكل ذلك، وتعليمها للأبناء هو تناغم بين الأجيال ونقل لقيمة ترفيهية واجتماعية لطالما كانت أنيسة المجالس وجزءا من نسيج الحياة الاجتماعية.

والأهم من ذلك أنها لعبة اجتماعية سعودية تستحق أن يُحتفى بها وأن يُسلط الضوء على مزاياها، وأن يتم إبرازها بمبادرات وطنية - كما سبق وفعلت هيئة الترفيه مشكورة قبل عامين بتنظيم بطولة وطنية لها - وأن تنقل للأجيال القادمة كهواية سعودية ترفيهية فكرية قابلة للتصدير.

ختاما، نحن لا نقول (كش ملك)، بل نقول (سوا)!

أخبار ذات صلة

0 تعليق