سابقة قانونية لوالده.. هل يعفو رئيس إسرائيل عن نتنياهو بعد طلب ترامب؟

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جرياً على عادته، في عرض المقترحات الشائكة علناً بشكل مفاجئ ومن دون ترتيب، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إلى العفو عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إشارة على ما يبدو إلى خضوعه لمحاكمات بتهم فساد منذ عام 2020، فيما يشكك خبراء قانونيون في إمكانية تحقيق هذا المطلب رغم وجود سابقة عفو تتعلق بضرب حتى الموت لفلسطينيين اثنين، كان بطلها والد الرئيس الإسرائيلي الحالي.

وعندما سُئل ترامب عما إذا كان قد نسّق الأمر مع نتنياهو، قال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء العودة إلى بلاده: «أخبرته أنني لا أريد إثارة الموضوع، لكن التوقيت كان مناسباً، وسط تصفيق حار»، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى قانونية طلب ترامب.

وقال ترامب موجهاً حديثه للرئيس الإسرائيلي: «لديّ فكرة. سيدي الرئيس، لماذا لا تمنحه عفواً؟». ومنذ خمسة أعوام، يُحاكم نتنياهو بتهم فساد في ثلاث قضايا منفصلة مترابطة، من بينها اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا منفصلة مرتبطة. لكن خبراء قانونيين في إسرائيل شككوا في إمكانية العفو عن نتنياهو في هذه المرحلة من محاكمته.

سابقة قانونية بارزة

وبينما يتمتع رئيس إسرائيل بسلطة العفو عن أي شخص مُدان بجريمة، لم تشهد البلاد سوى حالة واحدة بارزة للعفو الاستباقي عام 1986، وقيمتها كسابقة قانونية غير مؤكدة.

وقالت سوزي نافوت، خبيرة القانون الدستوري ونائبة رئيس الأبحاث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي لنيويورك تايمز: «كانت هذه حالة غير عادية للغاية». حيث أقيمت قضية ضد حكومة إسرائيل، نتيجة تستر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، بعد أن أعدم عناصره فلسطينيين اثنين متورطين اتهما باختطاف حافلة عام 1984.

وزعمت قوات الأمن الإسرائيلي آنذاك أن الخاطفين الأربعة قُتلوا أثناء الاستيلاء على الحافلة، لكن تبين لاحقاً أن اثنين منهم أُخذا حيين لمركز احتجاز ثم تعرضا للضرب حتى الموت. وقالت نافوت: إن ذلك أثار فضيحةً واضطراباً عاماً واسع النطاق ودعوات لإجراء تحقيقات في إسرائيل.

وأصدر رئيس إسرائيل آنذاك حاييم هيرتزوج، والد الرئيس الحالي «عفواً مسبقاً عن الاتهام» لرئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وعدد من مساعديه، مستشهداً بمخاوف الأمن القومي، عندما ظهرت أدوارهم في التستر خلال محاكمة مسؤولين آخرين في القضية.

وطُعِنَ في العفو، وانتهى الأمر بالمحكمة العليا الإسرائيلية إلى النظر في مدى امتداد صلاحيات العفو الرئاسي لتشمل من لم تُوجَّه إليهم تهمٌ أو لم تتم إدانتهم بعدُ بجريمة. وخلصت أغلبية المحكمة إلى أن النظرة الشاملة لصلاحيات العفو مناسبةٌ بالنظر إلى تفاصيل القضية، وهو قرارٌ قد لا يعطي تفسيراً شاملاً لمدى العفو الرئاسي.

سلوك شخصي لا أمن قومي

وتؤكد نافوت: «إنها سابقة يصعب تطبيقها في قضية جنائية نموذجية». وأضافت أنه على الرغم من إمكانية استناد الرئيس الإسرائيلي إلى حكم المحكمة العليا الصادر عام 1986، فإن الوقائع الأساسية في محاكمة نتنياهو مختلفة.

وأوضحت أن التهم الموجهة إليه تتعلق بسلوكه، وليس بالأمن القومي، وهي نوع من التهم التي واجهها العديد من القادة الإسرائيليين سابقاً. وأضافت أنه نتيجة لذلك، قد يُنظر إلى العفو في هذه المرحلة على أنه يُقوّض مبدأ «جميع الناس متساوون أمام القانون».

ودانت المحاكم الجنائية الإسرائيلية كبار الحاخامات، ورئيساً سابقاً، ورئيس وزراء سابق، هو إيهود أولمرت، عدة مرات. وفي عام 2010، دانت محكمة إسرائيلية الرئيس السابق، موشيه كاتساف، بتهم مشينة تتعلق بأفعال سابقة في مسيرته المهنية، إضافة إلى تهم أقل خطورة تتعلق بأفعال ارتكبها أثناء رئاسته. وبعد إدانة كاتساف، قال خليفته في المنصب، شمعون بيريز: «لا يوجد في إسرائيل سوى نوع واحد من المواطنين، والجميع متساوون أمام القانون».

وسبق لترامب أن انتقد القضية التي يواجهها نتنياهو بشدة. ففي يونيو/ حزيران، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن المحاكمة ستعيق المفاوضات بشأن إنهاء الحرب مع حماس، مشيراً إلى نتنياهو بلقبه «بيبي»، وكتب: «دعوا بيبي يرحل، لديه مهمة كبيرة ليقوم بها!».

وشبّه ترامب التهم الجنائية الموجهة إلى نتنياهو بالاتهامات التي واجهها هو نفسه في الولايات المتحدة، ووصفها بأنها ملاحقات سياسية. في حين يتمتع ترامب بنفوذ كبير في إسرائيل، لا سيما بعد أن ساعد في التوسط لوقف إطلاق النار الذي ضمن الإفراج عن الرهائن في غزة، والذي قد يكون خطوة حاسمة في إنهاء الحرب.

العفو المحتمل عن نتنياهو

ومن الممكن أن يختار هيرتسوغ العفو عن نتنياهو إذا دِين في المحاكمة. لكن خبراء القانون في إسرائيل يقولون: إن أي عفو أثناء سير الإجراءات القانونية قد يُفسر على أنه اعتداء على سيادة القانون، ويمكن لأي إسرائيلي تقريباً أن يدّعي الصفة القانونية للطعن فيه.

وكان من المتوقع في الأصل أن تستمر الإجراءات الجنائية ضد نتنياهو عاماً أو أكثر، إلا أنها تأجلت عدة مرات، لأسباب منها قيود فيروس كورونا. ولم يُدلِ نتنياهو بشهادته إلا في ديسمبر/كانون الأول 2024. وقال حينها «أنا مصدوم من حجم هذا العبث.أنا رئيس الوزراء، أدير دولة، أدير حرباً».

وأضاف: «أنا لا أشغل نفسي بمستقبلي، بل بمستقبل دولة إسرائيل». ومنذ ذلك الحين، سعى، في بعض الأحيان، إلى تأجيل وتمديد، مشيراً إلى جدول أعماله والتطورات الدبلوماسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق