باريس ـ أ ف ب
تواصل الشرطة الفرنسية، الاثنين، عمليات البحث عن أربعة لصوص، قاموا بسرقة حُلي «لا يقدّر بثمن» من متحف اللوفر في باريس.
ووقعت السرقة التي تحمل بصمة جماعات الجريمة المنظمة، في وضح النهار في أكبر متحف في العالم، والذي يستقبل سنوياً نحو تسعة ملايين زائر، ويضم 35 ألف عمل فني على مساحة 73 ألف متر مربع.
ولقيت هذه العملية اهتماماً واسعا عالمياً، وأثارت جدلاً سياسياً في فرنسا، وأعادت فتح النقاش حول أمن المتاحف، التي تواجه «ضعفاً كبيراً»، بحسب ما قال وزير الداخلية لوران نونيز.
ويتابع القضية نحو 60 محققاً من فرقة مكافحة الجريمة (BRB)، التابعة للشرطة القضائية في باريس، والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية.
ووقعت السرقة بين الساعة 9,30 و9,40 صباحاً (7,30 و7,40 بتوقيت غرينتش)، بواسطة شاحنة مجهزة برافعة، ركنت لجهة رصيف نهر السين. وقد صعد اللصوص بواسطة الرافعة إلى مستوى نافذة الطابق الأول وقاموا بتحطيمها بواسطة جهاز قص محمول. ودخلوا إلى قاعة أبولو، التي تضم مجوهرات التاج الفرنسي، وهشموا واجهتين تحظيان بحماية عالية كانت الحُلَى فيهما.
وأوضحت وزارة الثقافة الفرنسية أن اللصوص سرقوا ثماني قطع من الحُلي «لا تقدر بثمن على الصعيد التراثي»، مشيرة إلى أن قطعة تاسعة هي تاج الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث (الذي كان إمبراطوراً بين العامين 1852 و1870) أسقطها اللصوص خلال فرارهم.
وقالت المدعية العامة للجمهورية الفرنسية في باريس، لور بيكو: إن الرجال الأربعة كانوا «ملثمين» وفروا على دراجات نارية، والبحث عنهم جارٍ.
سبع دقائق
ومن بين الحُلي الثماني المسروقة، والعائدة كلها إلى القرن التاسع عشر، عقد من الياقوت عائد للملكة ماري-إميلي، زوجة الملك لوي-فيليب الأول، المؤلّف من ثمانية أحجار ياقوت و631 الماسة بحسب موقع اللوفر الإلكتروني.
وسرق اللصوص أيضاً، عقداً من الزمرد، من طقم عائد للزوجة الثالثة لنابليون الأول، ماري لويز المؤلف من 32 حجر زمرد و1138 الماسة. أما تاج الإمبراطورة أوجيني فيحمل نحو ألفي الماسة.
وقال نونيز: إن عملية السرقة استمرت «سبع دقائق»، وأن منفذيها لصوص «متمرّسون» قد يكونون «أجانب» و«ربما» عرف عنهم ارتكابهم وقائع مشابهة.
وأشارت وزارة الثقافة إلى أن سرعة تدخل موظفي المتحف دفعت اللصوص «إلى الفرار تاركين معداتهم خلفهم».
ونظراً لأنه من شبه المستحيل بيع الحُلي المسروقة كما هي، رجحت المدعية العامة بيكو فرضيتين؛ إحداهما أن يكون اللصوص تصرفوا «لصالح جهة معينة»، أو أرادوا سرقة أحجار كريمة «للقيام بعمليات غسل أموال».
أمن المتاحف
وأعادت العملية، وهي السرقة الأولى في اللوفر منذ عام 1998، فتح النقاش في فرنسا، بشأن أمن المتاحف، التي أصبحت هدفاً للمجموعات الإجرامية؛ لما تحويه من كنوز فنية، ولكونها تحظى بإجراءات حماية أقل من مؤسسات أخرى، مثل المصارف.
وقد تعرضت متاحف فرنسية في الآونة الأخيرة لعمليات سرقةٍ وسطو، ما يسلط الضوء على عيوب محتملة في أنظمة الحماية والمراقبة.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول، سُرقت عينات من الذهب من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس، قُدّرتْ قيمتُها بنحو 600 ألف يورو.
وفي سبتمبر أيضاً، تعرض متحف في ليموج بوسط فرنسا، وهو أحد المتاحف الرائدة في مجال الخزف، للسرقة، وقدرت الخسارة بنحو 6,5 مليون يورو.
عندما سُئل وزير الداخلية عن خلل محتمل في نظام المراقبة في اللوفر، أشار إلى أن أمن المتاحف هشّ. وقال نونيز: «نعلم جيداً أن هناك ضعفاً كبيراً في المتاحف الفرنسية»، مذكراً بأن «خطة أمنية» أطلقتها مؤخراً وزارة الثقافة «لم تستثنِ» اللوفر.
وقد تعهد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في يناير/كانون الثاني بترميم متحف اللوفر وتوسيعه، بعدما أعربت مديرته عن قلقها إزاء تردي وضعه.
وأثارت السرقة ردود فعل في فرنسا، التي تواجه أزمة سياسية منذ أشهر.
وأوضحت وزارة الثقافة أن أجهزة الإنذار على النافذة الخارجية لقاعة أبولون، فضلاً عن الواجهتين اللتين تحظيان بحماية عالية- انطلقت بالتزامن عند وقوع العملية.
وقال رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوردان بارديلا: «هذه إهانة لا تحتمل، إلى متى سيستمر انهيار الدولة؟».
وقال زعيم مجموعة حزب الجمهوريين اليميني في الجمعية الوطنية، لوران فوكييه: «فرنسا نُهبت، علينا حماية أثمنِ ما لدينا؛ تاريخِنا». وتعهد ماكرون الأحد بأن السلطات ستعثر «على المسروقات، وسيحال اللصوص إلى القضاء».