فرنسا تطارد لصوص اللوفر وتعترف بفشل أمني

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

باريس - أ ف ب


أبقى متحف اللوفر في باريس أبوابه مقفلة أمام الزوار الاثنين، غداة عملية السطو التي نفذها أربعة لصوص، قاموا خلالها بسرقة مجوهرات «لا تقدر بثمن»، فيما تُواصِل الشرطة الفرنسية البحث عنهم.


وقال مسؤول في اللوفر، إن «المتحف لن يفتح أبوابه اليوم»، بعدما أُغلِق الأحد عقب عملية السرقة التي وقعت صباحاً. وعُلّق في المكان إشعار يُعلِم الزوار بأن المتحف الذي يستقبل سنوياً نحو تسعة ملايين شخص، ويضم 35 ألف عمل فني على مساحة 73 ألف متر مربع، لا يزال مغلقاً «لظروف استثنائية»، وبأن من يحملون تذاكر دخول الاثنين سيستردون ثمنها.

- طوابير السياح


قبيل الإعلان عن استمرار الإقفال، اصطف الزوار في طوابير في فناء هرم المتحف، وتحت قناطر المدخل الرئيسي. وقال أحد الموظفين للزوار: «المتحف مغلق طوال اليوم».


وقال الزوجان الاسكتلنديان كلويه هاتشيسون (26 عاماً) ومايكل ويلكي (29 عاماً) «خططنا لهذه الزيارة منذ ستة أشهر ونغادر غداً. لن نتمكن من زيارة المتحف».


ويعقد وزير الداخلية لوران نونيز ووزيرة الثقافة رشيدة داتي اجتماعاً الاثنين: «مع أجهزة الدولة حول تشديد أمن المتحف» على ما أفادت وزارة الثقافة.

اهتمام عالمي بسرقة اللوفر


لقيت السرقة التي وقعت في وضح النهار في أكبر متحف في العالم اهتماماً واسعاً عالمياً، وأثارت جدلاً سياسياً في فرنسا، وأعادت فتح النقاش حول أمن المتاحف التي تعاني «ضعفاً كبيراً»، بحسب ما قال وزير الداخلية لوران نونيز.


وقال وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان الاثنين في تصريح لإذاعة «فرانس إنتر» العامة: «لقد قصّرنا»، لأن المجرمين «تمكنوا من وضع رافعة» على الطريق العام، «ومن إدخال أشخاص خلال بضع دقائق لسرقة مجوهرات لا تقدر بثمن، وإعطاء صورة مؤسفة عن فرنسا».


وأضاف: «الأمر المؤكد هو أننا فشلنا»، وشدد على أن الشرطة ستلقي القبض على المتورطين في نهاية المطاف.

ووقعت السرقة بين الساعة 9,30 و9,40 صباحاً، بواسطة شاحنة مجهزة برافعة ركنت لجهة رصيف نهر السين. وصعد اللصوص بواسطة الرافعة إلى مستوى نافذة الطابق الأول، وقاموا بتحطيمها بواسطة جهاز قص محمول. ودخل اثنان منهم إلى قاعة أبولون التي تضم مجوهرات التاج الفرنسي، وهشموا واجهتين تحظيان بحماية عالية كانت الحُلي فيهما.

مجوهرات لا تقدر بثمن


وأوضحت وزارة الثقافة الفرنسية، إن اللصوص سرقوا ثماني مجوهرات «لا تقدر بثمن على الصعيد التراثي»، مشيرة إلى أن قطعة تاسعة هي تاج الامبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث (الذي كان امبراطوراً بين العامين 1852 و1870) أسقطها اللصوص خلال فرارهم.


وقالت المدعية العامة للجمهورية الفرنسية في باريس لور بيكو، إن الرجال الأربعة كانوا «ملثمين»، وفروا على دراجات نارية والبحث جارٍ عنهم.

- سبع دقائق


ومن بين المجوهرات المسروقة والعائدة كلها إلى القرن الـ 19، عقد من الياقوت عائد للملكة ماري-إميلي زوجة الملك لوي-فيليب الأول المؤلف من ثمانية أحجار ياقوت و631 ألماسة بحسب موقع اللوفر الالكتروني.


وسرق اللصوص أيضاً عقداً من الزمرد من طقم عائد للزوجة الثالثة لنابليون الأول، ماري لويز المؤلف من 32 حجر زمرد و1138 ألماسة. أما تاج الإمبراطورة أوجيني فيحمل نحو ألفي ماسة.


وقال نونيز، إن عملية السرقة استمرت «سبع دقائق»، وإن منفذيها لصوص «متمرّسون» قد يكونون «أجانب» و«ربما» عرف عنهم ارتكابهم وقائع مشابهة. وأشارت وزارة الثقافة إلى أن سرعة تدخل موظفي المتحف دفعت اللصوص «إلى الفرار تاركين معداتهم خلفهم».


ونظراً لأنه من شبه المستحيل بيع المجوهرات المسروقة كما هي، رجحت المدعية العامة بيكو فرضيتين، إحداهما أن يكون اللصوص تصرفوا «لصالح جهة معينة»، أو أرادوا سرقة أحجار كريمة «للقيام بعمليات غسل أموال».

- أمن المتاحف


وأعادت العملية، وهي السرقة الأولى في اللوفر منذ عام 1998، فتح النقاش في فرنسا بشأن أمن المتاحف التي أصبحت هدفاً لعصابات إجرامية لما تحويه من كنوز فنية، ولكونها تحظى بإجراءات حماية أقل من مؤسسات أخرى مثل المصارف.


وتعرضت متاحف فرنسية في الآونة الأخيرة لعمليات سرقة وسطو، ما يسلط الضوء على عيوب محتملة في أنظمة الحماية والمراقبة.


وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، سُرقت عينات من الذهب من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس قدّرت قيمتها بنحو 600 ألف يورو. وفي الشهر نفسه، تعرض متحف في ليموج بوسط فرنسا، وهو أحد المتاحف الرائدة في مجال الخزف، للسرقة، وقدرت الخسارة بنحو 6,5 مليون يورو.


عندما سُئل وزير الداخلية عن خلل محتمل في نظام المراقبة في اللوفر، أشار إلى أن أمن المتاحف هشّ.

خطة أمنية


قال نونيز: «نعلم جيداً أن هناك ضعفاً كبيراً في المتاحف الفرنسية»، مذكراً بأن «خطة أمنية» أطلقتها مؤخراً وزارة الثقافة «لم تستثنِ» اللوفر.


وقد تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كانون الثاني/يناير ترميم متحف اللوفر وتوسيعه، بعدما أعربت مديرته عن قلقها إزاء تردي وضعه. وأثارت السرقة ردود فعل في فرنسا التي تواجه أزمة سياسية منذ أشهر.


وأوضحت وزارة الثقافة، أن أجهزة الإنذار على النافذة الخارجية لقاعة أبولون فضلاً عن الواجهتين اللتين تحظيان بحماية عالية انطلقت بالتزامن عند وقوع العملية. وقال رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا: «هذه إهانة لا تحتمل. إلى متى سيستمر انهيار الدولة؟»


وقال زعيم مجموعة حزب الجمهوريين اليميني في الجمعية الوطنية لوران فوكييه: «فرنسا نُهبت. علينا حماية أثمن ما لدينا: تاريخنا».


وتعهد ماكرون الأحد، أن السلطات ستعثر «على المسروقات وسيحال الجناة على القضاء».


ويتابع القضية نحو 60 محققاً من فرقة مكافحة الجريمة (BRB) التابعة للشرطة القضائية في باريس، والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية.