نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من فتك العظام إلى رفعة المقام: قصة مقاومة تروى, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 08:31 مساءً
أيوب عليه السلام صبر على المرض حتى صار رمزا يُضرب به المثل في الثبات. وستيفن هوكنج، رغم شلله التام، يقود عالَم الفيزياء نحو آفاق جديدة، تلك النماذج ما كانت لتصنع مجدها لولا أنها قررت: لن أكون ضحية الألم، بل سيده ومروضه.
في ظل هذا السياق، تبرز قصة تستحق أن تُكتب بماء الذهب وتُدرس في مناهج الحياة، قصة الدكتور إسماعيل مدخلي، الشاب الذي سكنت في دمه أنيميا منجلية لا ترحم، تنهش عظامه يوما بعد يوم، وتُفكك مفاصله حتى استبدل منها ثلاثة بأخرى صناعية بعدما فتكت بها هجمات المرض.
غير أن الجسد، وإن وهن، ما استطاع أن يطفئ نور الروح. وقف إسماعيل في وجه المرض لا رافعا راية الهزيمة، بل حاملا شعلة المقاومة. لم يكن الأمر يسيرا، فكل يوم ألم، وكل خطوة وجع، لكن الإصرار كان أصدق من العظم الذي تهاوى.
ومن رحم هذه المحنة، وُلد مشروعه العلمي، مشروعٌ عَبَر به من حدود المعاناة إلى فضاء العطاء، فأنجز رسالته في برنامج إرشادي قائم على العلاج بالتقبل والالتزام في إدارة الألم المزمن لمرضى الأنيميا المنجلية، وكأنما حوّل الوحش الذي كان ينهش جسده إلى موضوع يدرّس فيه ويعالج به غيره.
هكذا يُصنع النموذج، وهكذا تتحول الضربة إلى دفعة، والمحنة إلى منحة، ويد المرض إلى يد تصافح الأمل. لم يكن الدكتور إسماعيل مجرد ناجٍ من المعاناة، بل كان صانعا لمعنى جديد في عالم من لا يُنظر إليهم إلا كضحايا.
يا من أثقلتك المحن، تذكّر أن الألم ليس نهاية الطريق، بل بدايته. لا تجعل من المرض سجنا، بل اجعله بابا. لا تسمح للمحنة أن تُطفئ فيك نورا خُلقت لتحمله.
فقد تضعف العظام، لكن العزيمة لا تنكسر إلا إن أذنت لها.
قف وقل: أنا سيد هذا الألم، لا عبده.
اجعل من حكايتك درسا، ومن ألمك بوصلة، ومن محنتك شهادة تُعلق على جدران الإلهام.
الدكتور إسماعيل مدخلي ليس فقط صاحب شهادة دكتوراه، بل هو حامل راية، يقول للعالم: إن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا.
ومع كل ضربة، هناك فتح... ومع كل جرح، هناك نور... ومع كل مفصل مُستبدل، هناك قلب ما يزال نابضا بالرجاء.
الله عظيم، كريم، رحيم... لا يقدم إلا خيرا، ولا يضيع عنده أجر المحسنين.
aziz33@
0 تعليق