نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أساطير إسرائيل بقلم الملك حسين, اليوم السبت 24 مايو 2025 09:51 مساءً
أشار الدكتور صالح الشحري في قراءته لكتاب «أسد الأردن: حياة الملك حسين في الحرب والسلام» للمؤرخ اليهودي غير الصهيوني أفي شلايم (بحسب وصفه) والذي أخذ على عاتقه تصحيح الرواية الصهيونية عن الحروب العربية الإسرائيلية، في ضوء ما ظهر من وثائق في الأرشيف الإسرائيلي وأرشيف عدد من الدول الغربية؛ أشار إلى ملف سري سلمه الملك الحسين للرئيس جورج بوش الأب حال مشاركتهما مراسم جنازة الإمبراطور الياباني هيروهيتو. ويشير الدكتور الشحري في مقالته المنشورة بمجلة اليمامة السعودية إلى أن الملف السري جدا قد ضم رسالة طويلة وملحقين تمحورا حول: تاريخ الجهود الأردنية من أجل السلام، وقائمة بالتزامات الولايات المتحدة ومواقفها بشأن التسوية السلمية.
ما يهمني كامنٌ فيما أتى على ذكره المؤرخ شلايم في رسالة الحسين لبوش، والتي تحدثت عن سلسلة من الأساطير التي أرادت إسرائيل أن تحيط نفسها وقوتها العسكرية بها، واللافت أن الملك اختار لفظة «أساطير» والتي تعني تضخيم الشيء والزيادة فيه، للدلالة على مضمون مراده، وهو لفظ يتضمن في دلالته السياسية بُعدا واقعيا كبيرا، أرادت إسرائيل أن تشتغل عليه وتروج له إقليميا ودوليا، حماية لنفسها، وتكريسا لسطوتها الظالمة، وتأكيدا لتفوقها العسكري.
ومع ذلك فكل ما أرادته لن يتحقق برأي الحسين، لكونها قد روجت أساطير في دلالتها ومضمونها؛ الأمر الذي أكده الواقع المعاش، وأثبته تسلسل الأحداث المعاصرة، والتي لم تتمكن إسرائيل بأسطورتها العسكرية من حماية نفسها، وكل ما حققته هو إعلان تفوقها التدميري الدموي وليس غير ذلك. ومما جاء في رسالته من أساطير الآتي:
الأسطورة الأولى: تصور إسرائيل بأن تفوقها العسكري الشامل سيدفع الفلسطينيين والدول العربية باتجاه السلام، على أن ذلك لم ينهِ الصراع ولم يحقق السلام المنشود، بل زاد حكوماتها غطرسة، وزاد الفلسطينيين والعرب تصميما وإرادة لمواجهة الاحتلال ومقاومته.
الأسطورة الثانية: التصور الغربي والأمريكي بأن البدء في المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والأردن والفلسطينيين يمكن أن يؤدي إلى سلام، والواقع الذي أكده الملك حسين بأن ذلك غير صحيح، وأنه أجرى أكثر من ألف ساعة من المباحثات مع إسرائيل ولم يصل لشيء، لانتفاء إرادة السلام في ذهن الإسرائيليين أنفسهم، مما ترك لديه مشاعر الإحباط وخيبة الأمل.
الأسطورة الثالثة: إعلان قادة اسرائيل بأنهم جادون في مباحثات السلام، وأنهم يرغبون في حل الصراع العربي الإسرائيلي، والواقع أنهم يراؤون ويختلقون الأعذار لعدم التحرك في اتجاه السلام.
الأسطورة الرابعة: تبرير إسرائيل الدائم بأن الاستيلاء على الأرض ضرورة للأمن العسكري، في حين يرى الحسين في رسالته بأن الأمن لا يتحقق إلا بالتعايش السلمي.
كما تضمنت الرسالة حديثا عن طبيعة الموقف الأمريكي إزاء القضية الفلسطينية وكيفية معالجة الصراع العربي الإسرائيلي، حيث أبان الملك أن جزءا كبيرا من إشكال السياسة الأمريكية الخارجية راجع إلى كونها تنظر لطبيعة الموقف من زاوية اللوبي الصهيوني، القادر على التأثير في أساس تكوين الرأي السياسي وآلية اتخاذ القرار الأمريكي، في الوقت الذي ليس للعرب والفلسطينيين حول ولا قوة، وهو ما يعني عجز الولايات المتحدة عن دعم أي حل عادل للسلام بشكل إجرائي محايد.
أخيرا، حريٌ القول إن الوضع لم يتبدل منذ عام 1989م، وهو العام الذي سُلمت فيه هذه الوثيقة للرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، وستبقى مراوغة الدولة اليهودية قائمة ما ضمنت بقاء سيطرتها على صناعة القرار في الولايات المتحدة والغرب إجمالا.
0 تعليق