ورغم أن ممداني كان قد وصف نفسه سابقًا بأنه "أسوأ كابوس لدونالد ترامب"، بينما اتهمه ترامب بأنه "شيوعي ومجنون وأحمق"، فإن أجواء الاجتماع بدت مختلفة تمامًا. فقد ظهر الطرفان ودودين، وحرصا على التأكيد على أهداف مشتركة تتعلق بتحسين الأوضاع في مدينة نيويورك، بدلاً من التركيز على خلافاتهما العلنية.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء، حرص ترامب على الدفاع مرارًا عن ممداني، مجيبًا على بعض الأسئلة المحرجة نيابة عنه، في مشهد لافت أنهى أشهرًا من الخطاب العدائي المتبادل. وفي إحدى اللحظات، حين سُئل ممداني عمّا إذا كان لا يزال يعتبر ترامب "فاشيًا"، تدخّل الرئيس قائلًا له: "لا بأس… فقط قل نعم، هذا أسهل من الشرح"، ليجيب ممداني بالفعل بـ"نعم".

وقلل ترامب من شأن انتقادات ممداني السابقة للسياسات المتشددة في ترحيل المهاجرين، قائلًا إن هذا الملف لم يكن محورًا رئيسيًا في نقاشهما، رغم كونه من أبرز أولويات الرئيس داخل المدينة. وأضاف: "هو لا يريد أن يرى جريمة، وأنا كذلك… ربما سنختلف لاحقًا، لكننا نعمل من أجل هدف واحد".

وأشار ترامب إلى أن بعض أفكار ممداني لمعالجة التضخم تشبه الخطط التي يتبناها هو نفسه، لافتًا إلى أن الاجتماع كان "رائعًا وبنّاءً للغاية"، وتابع: "أعتقد أنه سيفاجئ بعض المحافظين".

من جانبه، أكد ممداني أن اللقاء ركّز على أولويات السكان، وخاصة الإسكان الميسور وتكاليف المعيشة وأسعار المواد الغذائية والمرافق، وهي الملفات التي لعبت دورًا أساسيًا في فوزه بالانتخابات، تمامًا كما ساهمت في تعزيز حملة ترامب خلال انتخابات 2024. وقال: "ما أقدّره حقًا هو أن الرئيس لم يركز على الخلافات، وهي كثيرة، بل على الهدف المشترك لخدمة سكان نيويورك".

وفي سياق تهدئة التوترات، خفّف ترامب من تصريحاته السابقة التي هدد فيها بقطع التمويل الفيدرالي عن المدينة، مؤكداً: "أنا هنا لأساعده لا لأضره". كما رفض اتهامات من داخل حزبه تصف ممداني بأنه "جهادي"، واصفًا إياه بأنه "رجل عقلاني".

ويُعدّ زهران ممداني أول مسلم يفوز بمنصب عمدة نيويورك، وقد حصل في الانتخابات التي جرت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني على 50.4% من الأصوات، متقدمًا بفارق واسع على منافسه المستقل أندرو كومو.

ورغم الأجواء الإيجابية التي طبعت لقائهما، لا تزال آثار السجالات السابقة حاضرة، إذ كان ترامب قد اتهم الديمقراطيين بأنهم "اختاروا مرشحًا شيوعيًا"، واعتبر أن الانتخابات "غير نزيهة"، محذرًا من "أمور مروعة" ستشهدها المدينة. ومع ذلك، بدا الرئيس خلال لقائه الأخير متجهًا نحو صفحة جديدة مع العمدة المنتخب، قائلًا: "كلما عمل بشكل أفضل، سأكون أكثر سعادة… نريد لنيويورك أن تكون قوية وآمنة".