الكفاءات الوطنية.. الثروة السيادية الحقيقية ويجب اكتشافها مبكراً

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام، أن محور الرسالة، التي حملها اللقاء مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خلال الشهر الجاري، يتلخص في أن الكفاءات الوطنية هي الثروة السيادية الحقيقية، ويجب اكتشافها مبكراً، وتوفير مسارات إعداد واضحة، وربط الحوافز بالمخرجات العلمية والسريرية، مشيراً إلى أن الولاء للوطن في عصر المعرفة يعني تحويل العلم إلى خدمة عامة ملموسة.
وقال في حوار مع «الخليج»: إن دعم صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، ليس مبادرات متفرقة؛ بل رؤية وطنية متكاملة تُحوِّل رأس المال البشري إلى مشروع تنموي مستدام، تبدأ من التعليم المدرسي والجامعي، وتمتد إلى برامج الابتعاث والزمالات والتدريب البحثي، وتُترجم إلى تشريعات تحفّز الابتكار وتُسرّع تبني التقنيات الطبية المتقدمة.
وأضاف: أفخر بلقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتهنئة سموه لي بالإنجاز الأكاديمي النوعي الذي حققته، مؤكداً حرص القيادة الرشيدة على دعم الكفاءات العلمية والطبية الإماراتية، وبالتالي، فان مسؤولية الأطباء والباحثين تكمن في ترجمة هذا الدعم إلى إنجازات واقعية تخدم صحة الإنسان في الإمارات والعالم، وتاليا نص الحوار:
* كيف ترون دعم صاحب السمو رئيس الدولة للكفاءات الوطنية؟
ــ دعم سموه ليس مبادرات متفرقة؛ بل رؤية وطنية متكاملة تُحوِّل رأس المال البشري إلى مشروع تنموي مستدام، تبدأ من التعليم المدرسي والجامعي، وتمتد إلى برامج الابتعاث والزمالات والتدريب البحثي، وتُترجم إلى تشريعات تحفّز الابتكار وتُسرّع تبني التقنيات الطبية المتقدمة، ما يميز هذا الدعم أنه عملي ومؤسسي، يقوم على منح وبرامج ومراكز تميّز وبنى بحثية متطورة، ويُلزم القطاعين العام والخاص بالعمل في منظومة واحدة، النتيجة بيئة تجعل الطبيب والباحث الإماراتي قادراً على المنافسة عالمياً مع بقاء التزامه بخدمة مجتمعه ثابتاً.

الجيل الجديد


* استقبال صاحب السمو رئيس الدولة وتهنئته لكم بهذا الإنجاز الأكاديمي ماذا يمثل لكم؟
ــ كانت لحظة فخر ومسؤولية في آن واحد، شعرت بالامتنان لقيادة تُقدّر العلم وتحتفي بالمنجز الأكاديمي، وبأن هذا التكريم هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، كان الحوار إنسانياً وعميقاً، وحمل رسالة واضحة مفادها بأن قيمة أي إنجاز أكاديمي تُقاس بقدرته على تحسين صحة الإنسان وتقليل معاناته وفتح آفاق أمام الجيل الجديد من الأطباء والباحثين.
وعلى الصعيد الشخصي، منحني اللقاء دفعة إضافية لمواصلة العمل الأكاديمي والبحثي وتوسيع برامج الزمالة والبحوث التعاونية، أما للشباب فالرسالة واضحة أقول لهم من يجتهد ويلتزم بالمعايير العالمية سيجد الأبواب مفتوحة ودعم القيادة حاضراً، مع مسارات مهنية واضحة تمتد من الطبيب المقيم إلى القائد الصحي والباحث الدولي.
وركز سموه على بناء الإنسان علماً وقيماً، وعلى أن تكون الخدمات الصحية قائمة على المعرفة والنتائج القابلة للقياس، وليس على الجهود الفردية فقط، مشدداً على أهمية تكامل الأدوار بين الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، والتسريع في نقل المعرفة عبر شراكات دولية قوية، وتمكين الكفاءات الوطنية عبر إدماجهم في برامج التعليم الطبي والتدريب لتقود مؤسساتها بمعايير عالمية.
وكان محور الرسالة يتلخص في أن الكفاءات الوطنية هي الثروة السيادية الحقيقية، ويجب اكتشافها مبكراً، وتوفير مسارات إعداد واضحة، وربط الحوافز بالمخرجات العلمية والسريرية، كما أكد سموه أن الولاء للوطن في عصر المعرفة يعني تحويل العلم إلى خدمة عامة ملموسة.
* إلى أي مدى يشكل هذا التكريم حافزاً لمزيد من العطاء العلمي والبحثي؟
ــ هو في الحقيقة تكريم وتشريف يزيد من مسؤوليتنا الطبية والمجتمعية، وهو بمنزلة تعهد وطني أمام الدولة والمجتمع، وهذا الالتزام يجعلنا نضاعف الجهد في ثلاثة محاور رئيسية: الجودة السريرية: بحيث تقليص زمن التشخيص والعلاج ورفع معدلات الشفاء، البحث العلمي: عبر إطلاق دراسات وطنية متعددة المراكز تركز على الأورام المبكرة والخصائص الجينية للسكان، التعليم والتدريب: توسيع برامج التدريب للأطباء والممرضين والإداريين وفق مناهج عالمية معتمدة.
* ماذا يعني لكم لقب «بروفيسور زائر» من جامعة هارفارد و«عالم زائر» من معهد دانا فاربر؟
- يمثل هذا اللقب ثقة دولية في الكفاءات الإماراتية ويمنحنا منصة لتبادل الخبرات وتطوير بروتوكولات علاجية مشتركة في علم الأورام، والمشاركة في اللجان العلمية ومجالس الأورام الافتراضية، وفتح مقاعد تدريبية للأطباء الإماراتيين، والأهم أنه جسر مؤسسي لنقل المعرفة إلى الإمارات بسرعة وجودة عالية.

تراكم الخبرات


* كيف كانت رحلتكم العلمية التي قادتكم إلى هذا الإنجاز الدولي؟
ــ بدأت الرحلة من قناعة بأن الطبيب المعاصر يجب أن يكون طبيباً وباحثاً وقائداً للنظام الصحي في آنٍ واحد، تراكمت الخبرات عبر الزمالات التخصصية وبناء فرق متعددة التخصصات وثقافة القياس والتوثيق، واجهنا تحديات بنيوية وتشريعية، لكن التعاون والشراكات الذكية جعلت الإنجاز ممكناً.
* ما أهمية كونكم أول طبيب إماراتي ينال هذا التقدير لمسيرة الطب الإماراتي؟
ــ يحمل هذا الإنجاز قيمة رمزية وطنية كبيرة، لأنه يثبت أن سقف الطموح لا تحدّه الجغرافيا، ويضع معياراً للأجيال القادمة، وهو أيضاً يعيد توجيه البوصلة نحو إنتاج المعرفة من الإمارات ولصالحها، لا مجرد استيرادها.
والنجاح لا يتحقق إلا عبر الانضباط العلمي، وإتقان المنهجية البحثية، والالتزام بالعمل الجماعي، وتعلمت أن النجاح قابل للقياس من خلال نتائج المرضى، وعدد الدراسات المنشورة، وتأثير البحث في السياسات الصحية، كما أن اختيار موضوعات بحثية مرتبطة بالمجتمع يضمن الأثر والاستدامة.
* كيف تترجم رؤية الدولة للإسهام في التقدم العلمي؟
ــ الرؤية تقوم على تحويل الجهود العلمية إلى برامج مستدامة ذات مؤشرات أداء واضحة، مثل التعليم الطبي المستمر المعتمد، وربط قواعد البيانات الصحية بالبحث العلمي، ودعم مسارات الباحث الإكلينيكي بوقت مخصص وحوافز مدروسة، الهدف هو أن يرى المواطن أثر العلم في سرعة تشخيصه وجودة علاجه، إلى جانب الاهتمام باتفاقيات علمية واضحة الأهداف تشمل تبادل أعضاء هيئة التدريس، وزمالات بحثية، وتصميم بروتوكولات مشتركة، وبناء سجلات وطنية متوافقة، إضافة إلى زيادة استقطاب المرضى ودعم السياحة العلاجية وفقاً لهذا التعاون، وتحويل الإمارات إلى شريك مضيف للتجارب السريرية المتقدمة بما يعزز مكانتها البحثية عالمياً.

تمويل تنافسي


* إلى أي مدى باتت الكفاءات الإماراتية مؤهلة لقيادة المشاريع العلمية المتقدمة؟
ــ الكفاءات الإماراتية اليوم مؤهلة وقادرة، فقد تخرجت من أرقى الجامعات وتعمل في مراكزنا الوطنية، ما نحتاج إليه هو منحها فرصة قيادة مشاريع بحثية متعددة المراكز بتمويل تنافسي ونشر علمي رفيع، ضمن منظومة حوكمة واضحة وشراكات دولية متينة.
والطبيب الإماراتي هو سفير للعلم والممارسة الرصينة، يقدم أوراقاً بحثية قوية، يترأس جلسات علمية، يشارك في كتابة الإرشادات، ويقود مبادرات تعكس صورة الإمارات كمركز علمي، كما أن دوره المجتمعي لا يقل أهمية من خلال نشر الوعي وإشراك المرضى في التثقيف والبحوث.
* كيف يمكن للكفاءات الوطنية ردّ الجميل للقيادة؟
ـ رد الجميل يكون بالعمل والنتائج الملموسة والعمل مع توصيات الحكومة ورؤيتها تجاه القضايا الصحية التي تهم المجتمع مثل خفض زمن التشخيص والعلاج، رفع نسب الشفاء، تدريب كوادر مؤهلة، وبناء مؤسسات مستدامة تتفوق علينا مستقبلاً، كذلك الالتزام بأخلاقيات المهنة وخدمة الفئات الأكثر حاجة بروح الفريق والمسؤولية.
ورسالتي للشباب الإماراتي، في القطاع الطبي، أن يجمعوا بين العيادة والمخبر، بين الشغف والانضباط، ليكن سؤال المريض محور البحث، وليبحثوا عن مشرفين يرفعون طموحهم، فالعلم الحقيقي هو الذي يُنشر ويُطبّق، من الإمارات يمكنكم الوصول إلى الصفوف الأولى عالمياً، بشرط العمل الجاد والصدق العلمي والتواضع الذي يفتح القلوب والعقول.

أخبار ذات صلة

0 تعليق